رجل تاريخي
عدد الرسائل : 5 العمر : 47 تاريخ التسجيل : 14/06/2008
| موضوع: ما الذي أبكى هذا الرجل ؟ الجمعة 20 يونيو 2008, 9:51 am | |
| مـ ـنـ ـقـ ـول
أي إخوتي؛ رعاكُمُ الرّحمنُ -
قصّةٌ؛
حَقيقيّةٌ!
فيها من العِبَر، وطيّبِ الأثَرِ.
ها هُنا؛ هُديتُمُ الخير أبداً -
عسى الرّحمنُ – بمنّه - أن يَنفعَ بها.
ما الذي أبكى هذا التّاجرُ؟
يقولُ أحدُ الدّعاة : دعاني ابنٌ لأحد كبار التّجار يوماً لزيارة والده المريض ، سألت الولد عن مرض أبيه فقال : هو مُصابٌ بتليّفٍ في كبده وسرطان، في أجزاء أخرى في جسده لكن الطبيب لم يخبره بذلك ، ونحن لم نخبره أيضاً؛ فهو لا يدري عن مرضه شيئاً , دخلت على هذا التّاجر فإذا هو على السّرير الأبيض عمره لم يتجاوز السّتين ، لم يتمكن المرض منه بعد و لا يزال جسمُه نشيطاً إلى حدٍ ما ، صافحني ثم أمر أولاده بالخروج , فلمّا خرجوا وبقيتُ أنا وهو ظلّ ساكتاً ثمّ بَكى، والتفت إليَّ وقال : آه يا شَيخ تباً لهذه الدنيا ، منذ أن عرفت ُنفسي وأنا أجمع الأموال وأعدُّها عداً، وأغامر في مختلف التّجارات ، كم كنت أتعبُ في ذلك وأنشغل عن عبادة ربي ، كم نمتُ عن الصّلاة بسَبب السّهر على الأموال ومُتابعة الشّركات ، وكم غفلتُ عن قراءة القرآن وبخلتُ عن الإنفاق على المساكين والأيتام.يقول : كم أتتني والله يا شيخ نصائحُ من بعض الفُضلاء بالحرص على الطاعة، وعَدم الغفلة عن الغاية التي خُلقنا من أجلها وللتزوّد لدار الآخرة ، ولكن كنت أقول ليس بعد ، بل إذا بلغت السّتين أعطيتُ نفسي تقاعد واشتريت مَزرعة , وأقمتُ في راحةٍ وعبادةٍ حتىّ الموت. ثمّ هاأنذا يفجَعني ما نزل بي من مرض وأسأل أولادي عن المرض؛ فيقولون : هو التهاباتٌ يسيرة واضطرابات في الهضم وأنا أظنّ الأمر على غير ذلك.ثمّ بَكى الرّجلُ وقال : هل رأيت أولادي هؤلاء الذين يدعونك لزيارتي ، ويُظهرون الشفقة والرحمة بي , بالأمس جلسوا عندي فتظاهرت بالنوم ليخرجوا عني ، فلما ظنوا أنّي قد نمت ُ؛ب دؤوا يتكلمون عن تجارتي ويحسبون أموالي وكم سينال كل واحد منهم من الترّكة، وكيف سيتمتع بالمال ، ثم ارتفعت أصواتهم واختصموا على عمارة كبيرة لي ، قال الأوّل نبيعها وندخل ثمنها في التركة ، وقال الآخر بل نؤجرها ، وصاح الثالث بل تكون من نصيبي ، وارتفعت الأصواتُ تباً لهم يختصمون في مالي وأنا حيٌّ بين أظهرهم .. ثمّ بدأ ينوح على نفسه ولسان حاله يردد : " ما أغنى عني ماليه ، هلك عني سُلطانيه " الآية " ربّ ارجعون لعلّي أعمل صالحاً فيما تركت " . وقفةٌ:الذي يتأمّل أحوالَ كثير من النّاس في هذا الزّمان يرى العجب العجاب وكأنّهم لم يخلقوا للعبادة , . وإنّما خلقوا للدّنيا وشَهواتها , فإنّهم إن فكَّروا فللدنّيا وإن أحبوا فللدّنيا وإن عملوا فللدّّنيا , فيها يتخاصمون وبسببها يتركون كثيراً من أوامر ربّهم ، قال تعالى : " ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ " الحجر.وقال عليّ بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه : ( أخوفُ ما أخافُ عليكم اِتّباع الهَوى وطول الأمل ، فأمّا اتّباعُ الهوى فإنّه يصدُّ عن الحق , و أمّا طول الأمل فإنّه يُنسي الآخرة . وكان يقول : ارتحلت الدّنيا مُدبرة ، وارتحلت الآخرة مُقبلة ، ولكلّ واحدة منهما بنون ، فكونوا من أبناء الآخرة ، و لا تكونوا من أبناء الدنيا ، فإنّ اليوم عملٌ و لا حساب ، وغداً حسابٌ و لا عمل . ويقول ابنُ القيم رَحمه الله تعالى: ما مَضى من الدّنيا أحلامٌ , وما بَقيَ منها أماني، والوقتُ ضائعٌ بينَهما . أسأل الله جلّ وعلا أن يجعل الدّنيا في أيدينا وألاّ يجعلها في قلوبنا ، وأن يرزُقنا وإيّاكم الحرص للتزوّد للدّار الآخرة .
انتهت.
واللهُ تَعالى؛ أعلى وأعلمُ.
من كتاب ( هل تبَحثُ عن وظيفةٍ؟ ) بتصرّف . وكتبَ الأستاذُ/ شامل بن إبراهيم؛ أحسنَ الرّحمنُ إليه وثبّتهُ.
المَصدرُ/ مَوقعُ يالهُ من دين!؛ جَزى اللهُ تَعالى القائمين عليه؛ خَير الجَزاءِ، وأوفاهُ، وأوفرَهُ.
نَفعَ الرّحمن؛ بما جاءَ.
اللّهمّ؛ اجعلنا ممّن أحسَن العدّ، واعتدّ وتزوّد؛ ليَومِ غدٍ؛ يَومَ " لا يَنفعُ مالٌ ولا بنونَ ".
غُفرانك؛ ربّنا.
ربّ؛ ألهمني رُشدي، وأعـِذني من شرّ نَفسي.
. . .
| |
|